بدأ حلم الملك المؤسس الملك عبد العزيز يتحقق عندما تم استعادة الرياض في يوم لم يكن كغيره من الأيام... كان يومًا خلده التاريخ وكتب أحداثه بأحرف من ذهب، ومنذ ذلك اليوم، بدأت التجربة السعودية تحقق إنجازاتها العظيمة إنجازًا بعد إنجاز على مر السنين، وتسجل نجاحاتها العظيمة بكل افتخار حتى أصبح الوطن على ما نراه اليوم زينة الأوطان ودرة البلدان. كان خصم الملك عبد العزيز، عبد العزيز آل رشيد يحلم بالسيطرة على حائل وفرض نفوذه على نجد، بينما كان حلم الملك عبد العزيز استعادة ملك الآباء والأجداد وتأسيس مملكة مترامية الأطراف، عزيزة، موحدة الأركان، متينة البنيان، تقوم على أسس العقيدة تحت ظل راية التوحيد، مملكة يعيش فيها المواطن معززًا مكرمًا آمنًا. وظل النصر شيمة القائد الموحد والباني العظيم، وكانت المسيرة السعودية المباركة بكل ما تحقق لها من انتصارات ونجاحات وانجازات ترجمة واقعية لحلمه الكبير الذي ظل يراوده منذ كان شابًا يافعًا يعيش مع أسرته في ضيافة أمير الكويت.
كانت تلك الرؤية الأولى التي جسدت قصة بناء الكيان والانسان في هذا الوطن العزيز، عندما آل الملك عبد العزيز على نفسه أن يتبنى مشروعًا تنمويًا جبارًا لم يكن لأحد أن يتصور إمكانية أن يضطلع بأعبائه منفردًا، مدعومًا فقط بعون الله وقوته، ومتسلحًا بسلاح الإيمان والعزيمة والإصرار.
وكانت تلك الرؤية حلمًا وأملاً وخطة طموحة ذات أبعاد عقدية – وحدوية – تطويرية تعنى بالدرجة الأولى ببناء الانسان في وطن موحد قوي البنيان يرتكز في أساسه على العقيدة السمحة، ويتطلع نحو تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء في ربوعه، وطن حر مستقل، صاحب موقف ورأي وقرار، يحتل مكانة بارزة بين الأوطان، ورقمًا صعبًا في معادلات السياسة الدولية. ويمكن تلخيص رؤية الملك عبد العزيز العابرة للمستقبل بقوله لشعبه: " سأجعل منكم شعبًا عظيمًا، وستستمتعون برفاهية هي أكثر بكثير من تلك التي عرفها أجدادكم".
ولقد تحققت رؤية القائد المؤسس بحذافيرها وظل أبناء الملك عبد العزيز رحمهم الله وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله - يسيرون على نهج وخطى الملك المؤسس ويقطفون ثمار رؤيته التي جعلت من الواقع أجمل من الحلم وأروع من الأمل.
ثم جاءت رؤية 2030 استكمالاً لرؤية الملك عبد العزيز لمهندسها سمو الأمير محمد بن سلمان ، حيث اعتبرت الرؤيتان متممتان لبعضهما البعض في تناغم بديع... جاءت رؤية 2030 في وقتها مدشنة لمرحلة جديدة في تاريخ المسيرة السعودية تجسيدًا لطموحات الشعب وآمال القيادة، وتعبيرًا عن الحلم السعودي في الانطلاق نحو آفاق مستقبل يليق بأرض الحرمين الشريفين والشعب السعودي النبيل، وذلك بما تضمنته من خطط لتنويع مصادر الدخل، وهيكلة الاقتصاد والأجهزة الحكومية، وتمكين المرأة، وتحويل المملكة إلى أقل الدول فسادًا في العالم من خلال الشفافية والمحاسبة والخصخصة، وإنشاء المشاريع الكبرى (العملاقة) التي شكلت الملمح الأبرز للرؤية، والتي من شأنها أن تحقق قفزة نوعية للمملكة تنقلها إلى مصاف الدول الكبرى.
وسيسجل التاريخ بأحرف من ذهب أن المملكة العربية السعودية ككيان شامخ ووطن عزيز ارتكز في نموه وتقدمه وثباته واستقراره وأمنه ورخائه على رؤيتين مكملتان لبعضهما البعض تحققتا على أرض الواقع بتوفيق الله سبحانه وتعالى ثم بفضل القيادة الرشيدة: الرؤية الأولى للقائد المؤسس الملك عبد العزيز – يرحمه الله – والرؤية الثانية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.